الأربعاء، 16 مارس 2016

هل نخطط حياتنا قبل أن نولد؟


نيكي جراي Nikkie Gray

النظرية التي تقول بأننا نخطط حياتنا كانت أمراً لم أسمع به قبل عام 2011، فحتى تلك اللحظة لم أكن أتخيل شيئاً من هذا القبيل إطلاقاً. وحتى بعد أن سمعت عن ذلك قبل 3 سنوات، فقد استغرق مني الأمر وقتاً طويلاً لأدع هذا المفهوم يلج إلى منظوري الفكري والفلسفي. كيفية عثوري عليه لم تكن حتى من خلال بحثي المتعطش عن الحياة الأخرى أو تناسخ الأرواح، وإنما أتى إلي من خلال رؤية أتيحت لي. قبل الرؤية كنت قد اعتقدت بتناسخ الأرواح، إذ لطالما كانت هذه الفكرة فاتنة لي، حيث شعرت بقوة أنه لدي حيوات سابقة، ولكن لم أكن أعرف ما الذي ورثته عن تلك الحيوات. بعد ثلاث سنوات من البحث المكثَّف والاستماع لكثير من الأشخاص من جميع الخلفيات والمعتقدات المختلفة الذين تحدثوا حول هذا الموضوع من جميع أنحاء العالم، عرفت أنه كان شيئاً يحتاج لمشاركته ومناقشته.



دورة التناسخ وخطة ما قبل الولادة

"كثير من الناس يشعرون بأن التناسخ لا يمكن أن يكون موجوداً لأنهم لا يتذكرون ماضيهم، وجوابي للعالم هو أننا نقوم بالتذكر. ليس لدينا تفاصيل ولكن لدينا بعض إشارات أوليِّة مؤكِّدة لهويتنا. نوع الموسيقى التي نفضِّل، الأشخاص الذين ننجذب إليهم أكثر من غيرهم، أنواع الطعام التي نفضل، الملابس التي نرتديها، فترات محددة من التاريخ لها ميزة بالنسبة لنا. هذه مؤشرات للمكان الذي كنا فيه من قبل، وكذلك تجسدنا الحاضر في حياتنا الحالية يكون مركباً من جميع الثمار التي كنا عليها من قبل" [كاري وليامز المشارك في تأليف كتاب "التناسخ: أفق جديد" الألغاز القديمة - التناسخ وثائقي مستضاف من قبل ليونارد نيموي].


من خلال بحثي وجدتُ بأن "دورة الحياة إلى الموت إلى إعادة الولادة" كانت إلى حد كبير هي ذاتها (من ناحية التفاصيل) في جميع المصادر التي درستها. ودعوني أخبركم بأنهم كانوا كثيرين (أي مصادر البحث). كل شيء يبدأ مع خطة ما قبل الولادة، حيث تقوم بتأسيس هذه الخطة مع مجلس بعض الناس يسمونه مجلس الكبار أو الحكماء، وهم كائنات قديمة جداً يعرفون بهذه الأمور إن صح التعبير. تلتقي معهم جنباً إلى جنب مع مرشديك الروحيين، وعليك مناقشة الحياة التي تنتظرك، وتُعطى الخيار لعدد قليل من الحيوات المتعددة لتنالها في الفترة الزمنية الحالية التي تتجسد فيها. لأعطيك مثالاً: "أنا أعطِيت الخيار لأكون فناناً أو ساموراي في اليابان. أنت تختار كل شيء بما في ذلك والديك. ما إن تُمنح اختياراتك وتنال واحدة، تبدأ مهمة شاقة لتخطيط جميع الأشياء التي ترغب بتجربتها في الحياة القادمة. التجربة ليست الشيء الوحيد الذي نسعى إليه، إذ لدينا أهداف لنصل إليها وتحديات ينبغي التغلب عليها. البعض يرغب في تعلم الصبر أو التغلب على الغيرة. كثير من الناس تجادل هذه النظرية ولكن يمكنك أيضاً من خلالها تفسير الكارمات (جمع كارما). بالنسبة لي إزالة الكارمات يعني ببساطة خلق توازن. هناك عدد قليل من الأشياء الأخرى مثل الشفاء، وعلى النقيض من الشفاء المعتقدات الخاطئة، فعندما يتم إنشاء خطة الحياة يكون مرشدونا معنا ليخلقوا ما يصفه "روبرت شوارتز" من خلال عمله بـ "المخطط البياني". المخطط البياني هو خطة ولكن أدرجت خلاله الإرادة الحرة، بحيث يخلق مُرشدونا أيضاً تزامنات (ما نسميه بشكل خاطئ صُدَف) في حياتنا كي تحرِّك بعض الأشياء فينا لترشدنا إلى أفضل مسار يساعدنا على معرفة أهدافنا. بعد أن يتم وضع الخطة نولد، فننساها وننسى ما نحن عليه حقاً.

لماذا ننسى؟

«أغلق عينيك إلى الماضي كي تعيد فتحهم ثانية عند كينونة جديدة. يمكنك كسب مزيد من التوسع عن طريق النسيان» - المرشدة الروحية "تيل سوان"

«لن يكون اختباراً إذا كنت تعرف الإجابات» - "دولوريس كانون"

النسيان هو جزء لا يتجزأ من الدورة، إذ بالفعل كيف يمكننا التعرف على أنفسنا والحياة بشكل كامل ونحن نعيش الحياة الراهنة. لقد أعطى كل من دولوريس وتيل مثالاً واضحاً لتفسير ذلك، فنحن نعيش في زمن التذكر وكثير منا يتذكر من نحن ولماذا قدمنا إلى الأرض في هذا الوقت. أولئك الذين لم يتنبهوا بشكل كامل لقدراتهم يرغبون في كسب البصيرة بدرجة أكبر حول ماهيتهم ولماذا هم متواجدون هنا، فيقومون بالبحث عن سُبل أو أشخاص يكونون متناغمين مع ترددات عليا، فيتواصلون معهم كي يساعدوهم في الوصول إلى هذا النوع من المعلومات.

كيف تؤثر خطة ما قبل الولادة على قوانين الجذب والتجلِّي؟


تم تعيين خطة ما قبل الولادة في حيِّز ولكن الإرادة الحرة تمنحنا القدرة على خلق أي واقع نختار العيش فيه. مع ذلك يُقال بأن هنالك بعض الأشياء يُفترض مواجهتها، وبسبب هذا أعتقد أن بعض الأمور خارجة عن إرادتنا. على سبيل المثال: إذا كنت تريد تجربة مرض أو داء معين ستواجه هذا المرض. إذا كنت تريد تجربة علاقة سلبية ستجذب ذلك الشخص السلبي إلى حياتك. أفترض أنه يمكنك اعتبار ذلك ضمن قانون الجذب أو التجلِّي، لكن لأنه ليس شيئاً كنت واعياً تماماً أنك خططت له قبل ولادتك فإنه من الصعب أن تسميه كذلك. في الآونة الأخيرة رأيت بعض الناس قد أصبحوا مضطربين لأنهم تعرفوا على قوانين الجذب وكيفية إظهار الأشياء الإيجابية وهم على اهتزاز عالي، ولكن شيئاً سلبياً حدث في حياتهم وفجأة ألقى التوازن فيها، وبسبب ذلك شعروا أنهم كانوا يفعلون كل شيء بشكل صحيح، لذا لم يتمكنوا من فهم كيفية جذب شيء سيء. عندما يحدث هذا أضطر للاعتقاد بأن ذلك هو ارتداد لخطة ما قبل الولادة. هنالك درس يمكن تعلمه وهو أن التجربة قد تكون للنمو، التعافي أو التوازن أو في بعض الحالات أنت قد تشرد بعيداً جداً عن خطة ما قبل الولادة والأشياء في حياتك تبدأ بالتلاشي بعيداً عنك.

هل حيواتنا السابقة ذات صلة مع هذه الحياة؟

في بعض الأحيان يحتاج الشفاء لفترة كي يتخلص من الأمور التي حدثت في حياة سابقة. بخلاف ذلك من يريد معرفة حيواته السابقة فقط من باب الفضول المحض فربما لا تكون فكرة جيدة لأسباب عديدة. ماهر بابا (معلم روحي هندي توفي عام 1969) كان واضحاً تماماً بهذا الشأن، ولكن أنا خشيت من ذلك وربما لكثير من أصناف البشر قد يكون مخيفاً قليلاً هذا الشأن. هناك جدار بين وعي الحياة الحاضرة والسجلات الحافظة للحياة السابقة. وقد قال (ماهر بابا) بأنه في الحقيقة هنالك علة وجيهة جداً لذلك بسبب تنوِّع وأيضاً شدة تسجيلات تلك الحياة السابقة فهي معقدة جداً وفي كثير من الحالات متناقضة.

لقد قال (ماهر بابا) بأن هذه الحياة هي طريق إلى هنا، وتلك الحياة هي طريق إلى هناك، وإذا اخترقنا جدار الحماية وهذه الأمور خرجت ستعرفون ذلك، وهذا يمكن أن يكون أو قد يكون أحد أكثر الأمور المزعجة التي قد تحدث للشخص، وفي الحالة العاطفية المعتادة للإنسان قد لا يكون قوياً بما فيه الكفاية ليطوِّق ويقدر على التعامل معها واستيعابها. لذا ببساطة قال "بابا" بأنه لا يجب العبث كثيراً مع الجدار الواقي، وكان قد تحدث بهذا الشأن في المقام الأول مع الأشخاص الذين كانوا كانوا يحاولون تذكر حيواتهم السابقة لمجرد الفضول [دون إ. ستيفنز - تلميذ ماهر بابا. في حياة أخرى: وثائقي أمريكي عن التناسخ].

لعب الأدوار

نأتي في كل تجسد للعب دور، يتم اختياره بمساعدة مرشدينا ومجلس الكبار قبل أن نولد. نتناوب في لعب أدوار مختلفة، ففي الحياة الواحدة سوف تختار أن تقتل وفي الأخرى سوف تتطوع لتكون قاتلاً. قائمة أدوار التحول واسعة ومعقدة. هذه المعلومات من الصعب حقاً بالنسبة لبعض الناس الأخذ بها. استغرق مني الأمر فترة بسيطة بالفعل لمعالجة كل ذلك ولكن في النهاية كل شيء له مغزى.


هناك مشهد من فيلم "Kung Fu Panda" والذي دائماً أفكر به عندما أتأمل فكرة الخير ضد الشر. عندما يركض المعلم "شي فو" مسرعاً إلى المعلم "أوجواي" ليقول له أن هنالك أخباراً سيئة للغاية، فيبتسم المعلم "أوجواي" ويقول: "يوجد هنالك أخبار فقط، ليست جيدة أو سيئة". مما وجدته خلال بحثي وما أعتقده حقاً في قلبي هو أن السلبية مجرد وهم. السلبية والإيجابية على حد سواء مجرد مواد بناء، فالسلبية هي محفز تطوري. نأتي إلى الأرض لأسباب كثيرة ولكن أعظمها هو نمو الروح، هذا النمو من ناحية أخرى بطيء جداً لأنها (أي الروح) من الجنة. أيضاً لأننا قادرون أن ننسى من نحن يمكننا تعلُّم الأشياء على مستوى أعمق وموسَّع بشكل أكثر. لنقل أنك تريد أن تعرف الحب، ما هي أفضل طريقة لمعرفة الحب أكثر من فقدانه أو الانفصال عنه، مع العلم أن كل وجودنا هو الحب. بعد سماعي نظرية أننا نلعب الأدوار وعرضها علي لم أعد أكره أي شخص على هذا الكوكب ولم أخشى شيئاً، لأننا نعيش في عالم من الازدواجية، حيث يجب أن يكون لدينا سلبية، فالسلبية هي ما تصنع هذا العالم. إذا لم يكن لدينا الأشرار لما كان الشر ممكناً. في كل واحد من هؤلاء الأشرار (الظالمين، متعاطي المخدرات،.... إلخ) يوجد روح جميلة تعيش التجربة الإنسانية، وكل ذلك كان قد تم التخطيط له لاعتبارات نمو الروح.

لماذا قد تكون نظرية تخطيط حيواتنا هامة؟

نحن نعيش في زمن مثير جداً للاهتمام حيث العديد من الحقائق التي كانت مخبأة تظهر للنور الآن دفعة واحدة. أنا لا أقول أن نظرية تخطيط حيواتنا صحيحة بل هي قصة قديمة بمنظور جديد. هناك العديد من القصص حول أصول الجنس البشري وسبب وجودنا هنا، ولكن بعد بحث مستفيض والاستماع إلى جميع القصص فهذه هي حقاً أكثر واحدة تردد صداها لدي، وكنت قد تذكرت بواسطتها من أنا بمساعدة مرشديَّ الروحيين. في هذا الوقت أشعر أنه من المهم جداً معرفة ما يجري بالفعل في عالمنا ولماذا نحن هنا. ينبغي أن تؤخذ جميع وجهات النظر بعين الاعتبار، ويحق لأي شخص أن يصدق ما يشعر بصدى معه. أنا لست هنا لتغيير المعتقدات، وإنما أشارك هذه النظرية مع غيري لأنها ساعدتني. أنا أسامح السلبية في هذا العالم وأشعر بالامتنان لذلك لأن كل هذا ساعدني على النمو. سواء كانت هذه النظرية صحيحة أم لا، لا يزال هناك شيء إيجابي فيها وربما قد ينال الآخرين شيئاً إيجابياً منها كما فعلت أنا.


المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق